المشاركات الشائعة

السبت، 17 مارس 2018

معروف لنفسك ..



بسم الله الرحمن الرحيم

معروف لنفسك ..
(من القِصار)

إذا طلبتُ منك كتابة ما يشغل بالك/ما تريده حقًّا الآن ، هل ستستطيع ذلك؟ ..

سأتسامح معك إذا كنت تشعر أن أمورك تسير على ما يُرام ، وأنك تعرف أهدافك طويلة المدى –وتلك حكايةٌ أخرى– . لكن إذا لم تكن كذلك فلن تمرّ عاجلاً!

وقد تستطيع الجواب ، وقد لا تستطيع .

إن كنتَ لا تستطيع فهو أحد أمرين : أنت لم تفكّر في السؤال من قبل ، أو أن الجواب أبسط مما نفكر وقد يكمن في حاجتك لبعض السكون ..

والحقيقة هي أن المشكلة تكمن في أن أغلبنا لا يفكّر في هذا السؤال أغلب الوقت ؛ فالحياة لا تكفّ عن دفعنا للتحرّك وعدم التوقف لإعادة النظر ، بل نحن أنفسنا نستثقل هذا التوقف ، ولم تكذب الفيزياء حين قالت : "الجسم المتحرك يظل متحرّكًا في خط مستقيم حتى تأثير قوة خارجية" .. الفرق هنا أن القوة في الغالب ليست خارجية! ..

وقد نهمل التفكير في هذا السؤال حتى ننسى أنه جدير بالاهتمام ، ونمضي دهرًا دون معرفة معنى عملنا وما نسعى إليه ، وتلك ليست عيشة راضية ، بل ساعة مؤقتة تُؤذِن أصفارها بهزة مهددة للكيان ..

وإن كنت تستطيع الجواب فهنيًّا لك ، أنصحك بكتابة الجواب بورقة صغيرة ، أو أن تقوله لنفسك بصيغة واضحة وتكمل التفكير في طرق علاجه/الحصول عليه ، ولو جعلت هذا السؤال عادةً يومية أو أسبوعيّةً لك فأنت من أنعَم الناس عَيشًا وأوسعهم حكمةً . أحيانًا يتعسّر السعي نحو ما نحتاجه رغم المثابرة والدأب ، عندها يتحلّى السعي بالصبر الجميل ؛ فأنت تكون قد وصلت إلى حافّة مطلبٍ عظيم . وأصغر جائزة لذلك –وهي ليست بصغيرة– : أنك تعرف جواب السؤال .


بسّام يغمور
29 / 6 / 39 هـ

براءة ..



بسم الله الرحمن الرحيم

براءة ..
(من القِصار)

"أبرأ إليك من حولي وقوّتي ، وتدبيري ، وصواب رأيي .. إلا بك"!

و"لا حول ولا قوة إلا بالله" ..

كنزٌ من كنوز الجنّة .. ولكن فحواها يشمل ويتعدى لكثير من السلوك ، والفكر!

إذا تبرّأت من حولك وقوتك ، فأنت تتبرّأ من قدرتك على أن تكون صالحًا بدون توفيق الله ، وتتبرأ من كونك أفضل عملاً وأزكى نفسًا من غيرك بدون عونٍ من الله .

إذا تبرأت من حولك وقوتك فأنت تتبرأ من قدرتك على امتلاك المكانة الاجتماعية التي أنت فيها الآن بدون جهد ولا تدبير .

وإذا تبرأت من حولك وقوتك فأنت تتبرأ من كونك معصومًا من الفعل الذي فعله ذلك الشخص الذي تلومه ولا يخطر ببالك أن تلتمس له أدنى عذر ، ومن فكرك أنك أفضلُ من ذلك الذي تنظر له من الأعلى وترجو ألا "تنحطّ" لما صار هو إليه .

وإذا تبرأت من حولك وقوتك كنت واعيًا بعدد الطرق التي لا تنتهي والتي قد تسلك فيها أقدار الدنيا طريقها ولا يكون لكل تدبيرك وعملك معنًى ولا جدوى ، ولكن لطفَ الله هو الذي يبلغ بك ما تبلغ .

وإذا تبرأت من حولك وقوتك اتبعت مِلّةَ إبراهيم .. "إذ قالَ لهُ ربُّهُ أسلمْ ، قال : أسلمتُ لربِّ العالمين"* .

"وءَاتَيْناهُ أجرَه في الدُّنيا ، وإنّه في الآخرةِ لمِنَ الصالِحين"** .

-
* البقرة – 131
** العنكبوت – 27


بسّام يغمور
29 / 6 / 39 هـ

ركِّـــــزْ



بسم الله الرحمن الرحيم

ركِّـــــزْ
(من القِصار)

تأثيرات نمط الحياة العصرية علينا عديدة .

أحد تلك التأثيرات هو التآمر علينا –أبناء هذا العصر– ؛ لغرض صرف انتباهنا عمّا نريد عمله وإنجازه في أعمارنا ، أو بعبارة أخرى : "تشتيتنا" .

          لهذا كان أحد الأعمال البطولية التي ترقى بأي فرد في سلم النجاح والتميز هو التركيز .

          التركيز .. على ماذا؟

        إذا كان قد مرّ عليك الحديث عن وضع الشخص أهداف ورؤية حياته ، وتحديد ميوله ومواهبه ، فأنت تعرف الجواب .

          نعيش في هذه الدنيا ونحمل على عواتقنا مسئولية . هذه المسئولية هي باستغلال كل ما سُخِّر لنا ، من قدرات وتعليم وإمكانيات وأفكار ؛ لأجل صالح الناس وسائر الخليقة . فحينما تحدد ما بين يديك من إمكانيات وما أنت مهتم وشغوف به ولديك رسالة فيه ، وما يمكنك أن تحققه في المستقبل في ظل ذلك ، فأنت عرفت مسئوليتك في هذه الحياة ، وعرفت أهدافك ووضحت رؤيتك ، ولم يعد عليك سوى التركيز على ذلك . ولكن لا تقع في فخّ ضعف الطموح!

          قد تكتشف في هذه التجربة أنك مشغول جدًّا في الحقيقة بشيء ليس من اهتمامك ولا دائرة تأثيرك وإمكانياتك .. ربما يجب أن تحاول التخلص منه!

          الآن .. نعود لحياتنا العصرية .

          حياتنا لم تعد تقتصر على مؤسسة تعليمية نرتادها كل صباح ، أو كتاب نقرؤه في البيت ، بل صارت تتعدى ذلك ؛ اتسعت الموارد وكثرت الاحتمالات والفرص . إذا كان هدفك واضحًا فأحِطْ نفسك بما هو مرتبط بذلك الهدف : املأ به محادثاتك ، تابع المستجدات المتعلقة به على أجهزتك ، طور نفسك في الجوانب التي تساعدك في تحقيقه على أكمل وجه –سواء في دراستك الرسمية أو خارجها– ، استحدث نافذة تُنتج فيها ما يدعو لذلك الهدف ويعززه ويحفّزك لتقترب منه .

          والأهم من كل ذلك : استبعد ما ليس جزءًا من خطة حياتك! استبعده من سمعك ، من بصرك ، من فكرك ... ولا بأس إذا اضطررت لمجاراة أحدهم إذا تحدث معك فيه .

          الحياة قصيرة ، ومزدحمة ، وينافس بعضها بعضًا ليحوز اهتمامك . وإنْ كان في الدنيا ألف قضية قد تشغل بالك ، فإنك قد تكون مسؤولاً ومؤثرًا في ثلاثٍ منها فحسب ، والدقائق التي تصرفها في هذه الثلاث أهم من ساعات تشغل بها نفسك فيما لا تسطيع أن تؤثر فيه وما لست مسئولاً عنه في حياتك .

بسّام يغمُور
10 / 5 / 39 هـ