باسم الله
القـُرآن
عندما نتحدث عن القرآن
فإننا نتحدث عن المصدر الأول للإسلام ، والمنطلق الأساس لمعرفة الإسلام وأحكامه .
والمسلمون يؤمنون قطعيًّا بأنه كلام الله – عز وجل – الذي أنزله على محمد – صلى
الله عليه وسلم – في خلال ثلاث وعشرين سنة مواكبًا للأحداث والمستجدّات باللغة
العربية التي هي أقوى وأبلغ لغات الأرض بشهادة من درسوها ، بواسطة أمين الوحي
الملَك جبريل – عليه السلام – ، ليبلّغه لجميع البشر . ويؤمن المسلمون إيمانًا قطعيًّا
أيضًا أن القرآن الموجود حاليًّا هو نفسه القرآن الموجود من عصر النبي محمد – صلى
الله عليه وآله وسلم – وإلى يومنا هذا ؛ فالله – عز وجل – تكفل بحفظه من أي تحريف
أو زيادة أو نقص ، وذكر ذلك في آية من القرآن : " إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا
له لحافظون " (الحِجر:9) ، ويشمل الذكر القرآن وكلام النبي – صلى الله عليه
وسلم – وأفعاله التي توضح القرآن عمليًّا .
وإنّ القرآن يصف نفسه في
مواضع عديدة ، ومن هذه الأوصاف أنّ من أراد أن ينتفع به من أي طريق في أي علم من
العلوم فإنه سيقوده دومًا إلى الحق ، ولو أراد أن يوجد ثغرة فيه من أي ناحية فلن
يفلح ؛ فهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ( فصلت:42) ، ومن أوصافه أنه
نورٌ ، وأنه حكمة ، وأنّه هدى ، وأنه كلامٌ ليس هزليًّا ولكنه جدّيّ ومحدد .
وينبغي أن نعرف أنّه
لفَهم القرآن فإنه يجب أن نستعين بتفسير المسلمين الأوائل له ؛ لأن بعض آياته نزلت
مرتبطة بأحداث يجب أن تكون معروفة ، ولأن لغة اليوم لا تطابق لغة زمان نزول القرآن
كليًّا بل هناك بعض الاختلافات . كما أن التفسير يكون أكثر أهمّيّة عندما يكون من
يريد فهمه لا يفهم العربية .
إنّ كل المناظرات
والجدالات بين المسلمين وغيرهم لشرح الإسلام لا تعادل قراءة الشخص للقرآن بمفرده
مستعينًا بالتفسير عندما يحتاجه ، فليس كل مسلم هو يمثّل الإسلام ويفهمه حقّ الفهم
، ولكنّ الذي لا ريبَ فيه أن الرجوع للقرآن – الذي هو مصدر الإسلام الأول – يعطينا
صورةً واضحة شبه كلية للإسلام الخالص ( يجب الرجوع إلى أحاديث الرسول – صلى الله
عليه وسلم – أيضًا لأنها المصدر الثاني للإسلام وهي التي تصوّر القرآن عمليًّا ) .
وقد كان القرآن دومًا
سببًا في إعادة نظر من يقرؤه بتدبر وتفكّر وإخلاص في الإسلام . ولنستعرض هذا
تدريجيًّا عبر التاريخ .
عند بداية دعوة رسول الله
محمد – صلى الله عليه وسلم – في مكة عندما كانت أغلب مكة تحارب دعوته بشتى السبل ،
كان القرآن حدًّا فاصلاً يجعل كل حججهم ضعيفة وواهية ولا يستطيعون سوى أن يعترفوا
أنه ليس كلام بشر ولا حتى كلام جِنّ . لقد تحدى القرآن العرب الأصليين – الذين هم
أحسن من يتحدث العربية – أن يأتوا بمثل هذا القرآن على عدة مستويات متدرجة : أولاً
حكم القرآن بأن الإنس والجن لو اجتمعوا حتى يأتوا بمثل القرآن لن يستطيعوا ،
وتحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط من تأليفهم تحاكي القرآن بأسلوبه وقوته وحكمته (هود:13)
( القرآن 114 سورة متفاوتة الطول ) ، وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة مثل القرآن من
عندهم (يونس:38) ، وتحداهم أن يأتوا بأي حديث مثله (الطور:34) ، وفي كل المستويات
لم يتجرأ العرب أن يتحدوه من أي ناحية . ولضيق الوقت فلنذكر أهم الشواهد على تأثير
القرآن وتميزه وحقيقته : في ليلة من الليالي في مكة كان أكبر ثلاثة أعداء لدعوة
الإسلام في بدايتها ( أبو جهل ، أبو سفيان – قبل إسلامه – ، الأخنس بن شُرَيق )
يستمعون للقرآن يقرؤه محمد – صلى الله عليه وسلم – ولكن لم يكن أحد منهم يعرف
بوجود الآخرَين معه ، وذلك حتى طلع الصباح ، فلما رجعوا التقوا في الطريق وعرف كل
منهم بوجود البقية ، فسأل بعضهم بعضًا عن سبب مجيئه ، فكلهم أجاب نفس الجواب أنهم
أتوا لسماع القرآن ، فتعاهدوا جميعًا ألا يعودوا لمثل هذا الفعل حتى لا يعلم بهم
أحد من قبيلتهم قريش فيتأثروا بالقرآن فيدخلوا في الإسلام . فلما كانت الليلة
التالية أتى كل منهم دون علم الآخر لأنهم يعلمون أن وراء القرآن سرًّا حقيقيًّا
وأنه ليس كذبًا ولا من تأليف محمد – صلى الله عليه وسلم – ، ولما جاء الصبح ورأى
بعضهم بعضًا صار بعضهم يلوم البعض . وأما الليلة التالية فقد تكرر الشيء نفسه .
وفي الليلة التي بعد ذلك ذهب أحدهم – الأخنس بن شريق – إلى كل منهما وسأله عن رأيه
فيما سمع من القرآن ، فأبو سفيان قال أنه وجد أشياء يعرفها قبلُ ويفهمها ، وأشياء
أخرى لم يفهمها ولم يعرف ما المراد بها ( أبو سفيان أسلم لاحقًا ) ، وأما الآخر
أبو جهل فباح بالسبب في محاربته للإسلام بشكل صريح ، وهو أن فخذه من قبيلة قريش
وفخذ محمد – صلى الله عليه وسلم – من قبيلة قريش كانا على تنافُس دائم للشرف
والوجاهة ، فحينما يعين آل عبد مناف ( الذين منهم محمد – صلى الله عليه وسلم –
والمشتهرين بالكرم والشرف ) المساكين ، يفعل آل عبد شمس ( الذين منهم أبو جهل
وأكبر محاربي الإسلام ذلك الوقت ) نفس الشيء ، وحين ينصرون المظلومين ، يفعل آل
عبد شمس نفس الشيء ، حتى إذا كادت العائلتان أن تتساويا في الشرف ، جاء من عبد
مناف من يقول أنه نبيّ ورسول يدعو إلى الإسلام ، فلم يستطيع آل عبد شمس من
مجاراتهم فلم يجدوا سوى تكذيبهم وتشويه سمعتهم عند الناس حتى لا يحوزوا الشرف كله
. وكان عتبة بن ربيعة – أحد أكبر شخصيات مكة وأكثرها حكمة وذكاءً – قد اتفق مع
قريش أن يناظر محمدًا ويحاوره حتى يتوقف عن الدعوة إلى الإسلام ، فعرض عليه الملك
والمال والنساء والعلاج من أي مرض ، فلم يرد ، ولكن قال : " أوقد فرغت يا أبا
الوليد ؟ " ، قال : نعم ، فلم يرد عليه محمد – صلى الله عليه وسلم – بأي كلام
، ولكنه اكتفى بأن قرأ عليه آيات من القرآن من سورة " فُصِّلت " فقط ،
وكانت هذه الآيات كفيلة بأن يقفز أبو الوليد ( عتبة بن ربيعة ) إلى فم النبي – صلى
الله عليه وسلم – ويضع يده عليه ؛ لعظمة ما سمعه وتميزه عن كل ما مرّ عليه من كلام
الناس ، فلما رجع إلى قريش أثنى على القرآن حتى خافت قريش أن يسلم ، ونفى عتبة أن
يكون هذا من كلام الكهان أو السحرة أو الشعراء أو أي أحد ، وحذّر قريشًا وأمرها أن
تترك محمدًا وشأنَه لأن ما جاء به سوف يكون له شأن عظيم وطلب منهم ألا يضعوه في
مواجهة محمد – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك . والوليد بن المغيرة هو أيضًا أحد
الأشخاص الذين جعل ضغط قريش عليهم يكذبوا على القرآن ، ففي مرة ذهب الوليد لمحمد
فقرأ عليه القرآن فأحب الوليد القرآن ، فعلمت قريش فاستفزت الوليد وادعى أبو جهل
أنه يميل إلى محمد ليطلب المال ، فقال الوليد أنه من أكثر رجال قريش مالاً وليس في
حاجة لذلك ، فطلب أبو جهل أن يقدح الوليد في القرآن ويشوه سمعته ، فقال الوليد أنه
أكثر الناس علمًا بالشعر وأنواع الكلام وحتى كلام الكهان والجن ، وإن القرآن لا
يشبه أيًّا منها ، ولكن لإصرار قريش عليه ، فكر ثم قال أنه " سحر " ،
ونزلت آيات من القرآن تعلق على هذه القصة (المدّثِّر:11-30) . وفي الحقيقة أن
المتخصصين في اللغة العربية قسموا اللغة العربية لاحقًا إلى شعر ، ونثر ، وقرآن ؛
لأن القرآن لا يندرج تحت النثر ولا الشعر ، بل هو نوع جديد لا يستطيع أن يأتي به
أحد ولو من أمهر العرب في اللغة العربية .
والقرآن لا يتوقف عطاؤه العلمي والفكري على مر
العصور ، في بداية الإسلام كان أكبر معجزة للقرآن هو تركيبه وأسلوبه وبلاغته
وحكمته ، وعلى مر العصور كلما أراد متخصص في مجال من العلوم أن يأخذ من القرآن
فإنه يجد ضالته ، سواء في علم الاجتماع ، أو النفس ، أو الأحياء ، أو الفيزياء ،
أو التاريخ والحضارات ، أو الثقافة ، وجاء العصر الحديث بزخمه العلمي الطبيعي ،
فجاء القرآن في هذا العصر ليبين كيف أنه سبق العلم الحديث بالعديد من المعلومات
التي لم يكتشفها الناس إلا مؤخرًا – نسبيًّا – بأساليبهم الخاصة ، منها استدارة
الأرض ، وتكوين العظام قبل اللحم في جنين الإنسان ، وأن الكون أصله الظلام ، وأن
الشمس هي باعثة للضوء بينما القمر عاكس ، وأن كل جرم سماويّ ( حتى الشمس ) يجري في
مدار خاص به ، وأن الجبال هي مثبتات للأرض من الزلازل والاضطرابات ، وأن الحديد
نزل إلى الأرض من خارجها وهو لم يكن موجودًا فيها ، بالإضافة إلى الإعجاز العددي ،
والرنيني ، والإعجاز في تكوين القرآن وترتيبه ... وغير هذا الكثير ، وتفسير هذا
أنّ الذي خلق السماوات والأرض وجميع قوانين الطبيعة المعروفة وغير المعروفة هو
نفسه الذي أنزل هذا القرآن ليدلّ إلى الحق كل من أراد الوصول إليه بإخلاص وصدق في
أي مكان .. وأي زمان ، وأن محمدًا وهو الذي لم يكن يقرأ ولا يكتب ونشأ يتيمًا بين
أهل مكة طوال حياته ولم يخرج منها إلا في صغره مع عمه لم يكن ليستطيع أن يأتي بمثل
هذا القرآن بنفسه ولا بمعاونة أحد .
صورة
لبلورة ماء قُرئت عليه سورة الفاتحة ( تابع لتجربة الياباني ماسارو إيموتو المدونة
في كتاب " رسائل من الماء " ) مع أن قارئها لم يكن مسلمًا بل هو د.
إسكديرو الإسباني المشهور بالعلاج بالتفكير الذي انبهر بالصورة ، ما يدلّ على قدرة
القرآن وشفائه وعطائه
ولعلك تريد أن تعرف ماذا
قال عن القرآن الذين قرؤوه بتدبّر وفهم .
الشاعر الألماني غوته : كلما
قرأت القرآن شعرت ان روحي تهتز داخل جسمي !))ويقول ايضا ( القرآن كتاب الكتب , واني
اعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم .
أرنست رينان المفكر
والشاعر والفيلسوف الفرنسي : لم يعتَرِ القرآن اي تبديل او تحريف , وعندما تستمع
الى آياته تأخذك رجفة الاعجاب والحب,
وبعد ان تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك الا ان تعظِّم هذا الكتاب العلوي وتقدّسه .
وبعد ان تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك الا ان تعظِّم هذا الكتاب العلوي وتقدّسه .
الفيزيائي مايكل هارت
: لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملاً دون تحوير سوى القرآن الذي
نقله محمد .
تولستوي الكاتب الشهير
: سوف تسود شريعة القرآن العالم , لتوافقها وانسجامها مع العقل والحكمة .. لقد
فهمت , لقد ادركت ان ما تحتاج اليه البشرية اليوم هو شريعة سماوية تحق الحق وتزهق
الباطل .
العالِم بارتملي هيلر
: لمّا وعد الله رسوله بالحفظ بقوله ( والله يعصمك من الناس ) صرف النبي حراسه (
لثقته بوعد ربه )
!
والمرء لا يكذب على نفسه , فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته .
والمرء لا يكذب على نفسه , فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته .
البروفيسور الياباني
يوشيودي كوزان : لا أجد صعوبة في قبول ان القرآن كلام الله , فإن اوصاف الجنين في
القرآن لا يمكن بناؤها على المعرفة العلمية للقرن السابع , والاستنتاج الوحيد
المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحيت الى محمد من عند الله .
الدكتور جاري ميلر
المستشرق الكندي النشيط وأستاذ الرياضيات والمنطق في جامعة تورنتو والذي عزم على
أن يكشف الأخطاء العلمية والتاريخية في القرآن ، ثم خرج من ذلك بكتاب على النقيض
تمامًا مما نوى القيام به سماه " القرآن المذهل " ، مما جاء فيه : "
يرى المنكرون للوحي وللرسالة أن الشياطين هي التي كانت تملي على الرسول ما جاء به،
والقرآن يتحدى: 'وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون'. فهل تؤلف الشياطين كتاباً ثم تقول لا أستطيع أن أؤلفه، بل تقول: إذا
قرأت هذا الكتاب فتعوذ مني! " ( في القرآن في أكثر من مرة أمر الله – سبحانه –
أمرًا مباشرًا بالاستعاذة من الشيطان ) . وقد أعلن الدكتور ميلر إسلامه بعد عام من
نشر الكتاب ، والذي كتبه في الأصل بعدما كان ينوي أن يفضح القرآن والإسلام فتحوّل
إلى حامل للإسلام وداعٍ إليه بسبب ما رأى من القرآن .
وغير هؤلاء كثير ، قد
تكون واحدًا منهم ، واحدًا من أولئك الذين توجهوا نحو القرآن وتفكروا فيه بتجرّد ومنطقية
ونية البحث عن الحقيقة الصافية . ليس عليك أن تفعل الكثير ، فالقرآن مترجم لأغلب
لغات العالم ( مع أن الترجمة تضيع الكثير من عظمة أسلوب القرآن العربي ) ، وما عليك
إلا أن تأخذ النسخة المعتمدة ، وتبدأ في استكشاف معجزة القرآن الخالصة واستخراج
كنوزه بقراءته قراءة منهجية مرتبة غير عشوائية ، فإن أي كتاب يحتاج لقراءة مرتبة
منهجية لفهمه ، وكذلك القرآن ، إلا أن كل جملة فيه هي بحد ذاتها حكمة ومعرفة لا
تقدّر بثمن . فسوف تعيش قصة من القصص العظيمة التي ذكرنا قليلاً منها فقط هنا .
وتذكر أن القرآن لا ينتمي لأي أحد ، فقط ينتمي لخالق كل أحد ، فأنت بقراءته لن
تكون تابعًا أو خاضعًا لمؤلفٍ ما ، بل مستقلاًّ بأكثر أشكال الاستقلال عزةً
ورقيًّا ، وكذلك هو الإسلام .
مصادر مساندة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق