المشاركات الشائعة

الخميس، 19 يونيو 2014

الثورات وتعاقب الأجيال - لا تحقرنّ من المعروف شيئًا

بسم الله الرحمن الرحيم

( الثَّورات وتعاقُب الأجيال ) لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئًا ..

( الكلام أدناه لا يحكم على الثورات بصلاح ولا فساد ، ولكنه إشارة لديناميكية التغيير وطريقته إذا أردناه )

المشهد ( 1 ) :

     في خِضَم هذا الكم الهائل المُدهِش من المظاهرات والمطالبات بالإسقاطات هنا وهناك ، بشكل لم يكن حتى في مخيلة الكثيرين – يقف المرء متسائلاً : لمَ الآن بالضبط ؟!

     أليست تلك الحكومات برجالها وأنظمتها قد عششت عشراتِ السنين في تلك الدول ، ولم تقم للشعوب قائمة ولم تثر لهم ثائرة ؟! فعلامَ الآن يكون هذا ؟!

     صحيح أن تلك الحكومات والأنظمة لم تتغير ، وقد أظلَّت شعوبها الدهور الطِّوال ، ولكن الذي تغير ليس هي ، وإنَّما الشعب والشباب والنَّاس !

المشهد ( 2 ) :

     تخيَّل أنَّك امرؤٌ صالحٌ تائبٌ إلى الله – وأنت كذا إن شاء الله - ، تزوَّجت وعقدت على مع امرأة مثلِك أو دونَك بقليل ، ورزقكما الله الذرية .

     ثم أنت عقدت العزم على تنشئة هذه الذرية خيرَ تنشئة ، على ما عاش عليه حبيبُك – صلى الله عليه وسلم – وعلى ما أوصى ، وعوَّدتهم على رفيعِ قيَمِه وكريم خُلُقِه .

     ثم عاشوا من بعدك على ذلك ، وتزوجوا كذلك ، وربَّوا ذرياتِهم كذلك .

     أو هبْ أنَّك غيرُ صالح – وحاشاك من ذلك – ، ولكنك أبٌ ، يريد ككل أبٍ على الفطرة أن تنشأ ذريته صالحةً طيبةً ، فربَّيتها على ما يحب الله ويرضى ، ثم انتشروا من بعدك بأنفسهم وذرياتِهم ، على نفس النَّهج والطريقة .

     فأيُّ مُجتَمَع سيكون عندَنا ؟!

     أنت – الرجل الصالح – كنت واحدًا ، وبعدك زِواجك وامرأتَك وإنجابك – كنتم خمسةً أو ما حولَ ذلك ، وكلكم صالحون ، أو فلنقل – تجوُّزًا – منكم واحد أو اثنان غير صالحَين – لا قدر الله – ، وبعد انتشار ذريتك وزواجها ونساءَها وإنجابِها ، صرتم عشرةً أو عشرين ، وهلمَّ جرًّا ...

     انظرْ كيف ستكبرُ هذه النِّسبة مع تعاقُب الأجيال ، وكيف سيتغير شكل المجتمع مع مرور الزمن .

     وكلُّ ذلك – مبدؤُه أنَّك أصلحت نفسك وذريتك ، وهم بدورِهم فعلوا كذلك .

     فانظر كيْفَ يمكن أن يكون الإصلاح مشروعًا[1] مجتمعيًّا يبدأ من كل منزِل وأُسرة ، وكيف يمكن أن تحملَ أنت بنفسك همَّ إصلاح المجتمع ككُل .

     فاذكر قول النبي – صلى عليه ربي وسلم – : " لا تَحقِرَنَّ من المعروف شيئًا " .

     واتخذ قاعدة تعلقها حلقًا في أذنك : إذا سُؤْتَ فليحسُن ولدُك .

     فليس بغريب بعد ذلك أن تشهد بُلدانُنا العربية والإسلامية مثل هذه الـ" انتفاضات " ، بفعل هذه الفكرة التنموية التربوية .

..

     وإني لأرى – بالهامش – أنَّ الجيلَ الرَّاحل – رحمة الله عليه – لَترحلُ معه العديد من الاعتقادات والأفكار والعادات ، عددٌ منها لا يصلُح للمجتمع الإسلامي ، ولقد شهد المسلمون في شتى بقاع الأرض على الصحوة ، فبالله عليك ! لا تبخل علينا أنْ تكون مساهمًا معنا في هذا المشروع ! فلربما حررْت أو ابنُك بيت المقدس ![2]

مكة - 17/12/33




[1] هذه التسمية أذكُر بها د. جاسم المطوِّع ؛ فهو طرحها في برنامجِه ( الأسرة السعيدة ) – بارك الله فيه - .
[2] ليس ذاك بفضل منَّا ولا بعمل منَّا ، وإن كان من عملٍ منَّا ؛ فالله هو الذي أراد أن نعمل ، ولئن كان من هذا الأمر فتحٌ أو نصرٌ ، فالله قضى به وقدَّر ، " ومَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ " ، " يَنصُرُ مَن يَشَاءُ " ، " فَأَيَّدْنَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ " ، " وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالحِات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم ... " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق